قالب السكر رمز النخوة الأمازيغية
ثقافة قالب السكر
رمز النخوة الأمازيغية
تتخذ كل الشعوب و القوميات رموزا تعبيرية وتواصلية، تتجلى في الإبداع اللغوي و البلاغي،أو سن عادات وتقاليد تقوى أواصر التضامن و التآزر و المحبة بين أفراد المجتمع.
كانت الأفراد في المجتمعات البدائية تتبادل الأحجار الكريمة ، و أجزاء من الحيوانات المصطادة ، و غللا فلاحية كتجسيد للتآخي والتعاضد .
حاليا في الدول الغربية يعتبر إهداء إكليل من الورد في المناسبات الإجتماعية السعيدة مثل الزواج أو في المراسم التأبينية الجنائزية كعربون عن الإخلاص والمحبة، إنها ثقافة الورد .
وبادرت بعض الأحزاب السياسية خاصة التقدمية منها إلى جعل الوردة الحمراء كرمز إنتخابي يجسد قيم التضامن .
فما هو يا ترى الرمز التضامني المادي بين الأمازيغيين و يحمل مختلف القيم الأخلاقية ؟
بعد إستقصاء على الأقل في مسقط رأسي ، توصلت إلى كون ثقافة قالب السكر تعوض ثقافة الورد في الريف .فما هي تجليات هذه الثقافة الأصيلة ؟
سألق نظرة حول الصناعة السكرية في بلادنا .
تمتاز الصناعة السكرية في بلادنا بإبداع فريد في العالم وهو قالب السكر بهيأته الهرمية الشامخة شموخ الأمازيغي ، والناصع البياض ، و المركز بالحلاوة بالمقارنة مع باقي أنواع السكر يزن قالب السكر كيلوغرامين وهو مغلف بورق داخلي أبيض و آخر خارجي أزرق بنفسجي يحمل علامة حمراء ، ومربوط بعناية بخيط من القنب ، تعبأ القوالب في كيس(ثخانشت) يحوي 32 قالبا ، يحمي من الصدمات والإنكسار بواسطة حفنة من التبن تحشى داخل الأكياس. تستهلك بلادنا حوالي 550 ألف قالب يوميا. كما ينتج السكر على شكل مسحوق يعرف بسكر ساندة أو أطواب مكعبة . ينتج السكر صناعيا من قصب السكر أو الشمندر. ويمتاز المغرب بإكتفاء ذاتي تقريبا من هذه المادة الحيوية .
فماهي أوجه و تجليات رمزية قالب السكر في التقافة الأمازيغية ؟
بالإضافة إلى القيمة الغذائية الطاقية التي يفرها السكر لجسد الإنسان بصفة عامة،مما يجعل هذه المادة ضرورية للنشاط الجسدي للجسم . فإن قالب السكر ينال أهمية بالغة في كل المناسبات الإجتماعية :
* الخطوبة = ثاواشت نا سكو
إن إحضار قوالب السكر أثناء الخطوبة (ثاواشت نا سكو) ، رمزا المحبة والإخلاص الذي يكنهما الخطيب لخطيبته ، كبديل عن إكليل الورد في الثقافة الغربية ، وأن قبول قوالب السكر من طرف أهل المخطوبة يعبرعن رضاهم بزوج إبنتهم في المستقبل.
* الأستضافات= أزاف
أثناء الإستضافات أوالزيارات العائلية المناسبتية كالزواج أو الرجوع من الحج أو الختان أو الشفاء .... ما يعرف في الريف (أزاف) ، يصاحب كل ضيف معه قالبا أو أكثر من السكر ، وقد تكون كيس (ثخانشات) حسب إمكانياته المادية كهدية و تآزر مع صاحب المناسبة .
في جميع المناسبات و الأستضافات يحضر الشاي من سكر القالب ، ولا يحضر بسكر سانيدة أبدا ، يتم تكسير القالب بعناية من طرف شخص خبير في تهيء الشاي بواسطة مطرقة خاصة ، توضع قطع السكر في علبة صفيحية منمقة تسمى بالريفيية (ثابيحت) ، ترافقها دائما بجنبها علبة أصغر تحفظ فيها حبوب الشاي الأخضر والمسمات (أزمبير) ، هذا الطاقم العجيب والفريد من نوعه في العالم و المكون من البراد ، والكؤوس بلارية من نوع (حياتي) ، و(ثابيحت) و (أزمبير) و ملعقة ، فوق صينية نحاسية منقوشة ، هذا الطاقم مع خبرة محضر الشاي تكون النتيجة شاي برغوة أو رزة كثيرة يتللذ به المدعوون ، وهم محفوفون بالنحل من كل الجوانب ، يبغي تقاسمهم حلاوة قالب السكر الجذاب .
* حناء العروسة
في يوم حناء العروسة يوضع قليل من الدقيق (آن) في طبق و يوضع فوقه قالب من السكر بعد تجريده من أغلفته ، فيصبح المشهد بياض على بياض من لباس العروسة الى قالب السكر كرمز للخير والصفاء و حلاوة الحياة الزوجية .
* مختلفات
عندما كنا صغارا كتلاميذ في المسجد ، عندما نذهب لإحضار النوبة للفقيه ، كان سكان المنزل يقدمون لنا قطعا من سكر القالب الفائق الحلاوة .
كما أن العروسة عندما تصل الى بيت الزوجية راكبة حصانا ، تعمد الى قذف مكسرات من قطع السكر كنا نتسابق لنيلها .
قد يستمد قالب السكر قدسيته و رمزيته من شكله الهرمي الذكوري ، او من لونه الأبيض الناصع لون جسم المرأة ، لذا نظمت عدة أشعار ( إزران) تتغنى بقالب السكر مقرونة بالتغزل في الحبية .
سيحين وقت يتخذ فيه حزب سياسي ما قالب السكر كرمز له في الانتخابات فتتحول حلاوته الى مرارة ملفوفة بخداع وغش الساسيين .
إنها ثقافة قالب السكر
صالح بركاني Berkani salah .